العالم العربي.. أما آن له أن يتحرك؟

أكمل العدوان  الإسرائيلي المتوحش على غزة يومه الثاني  والتسعين بعد أن ألقى العدو أكثر من 45 ألف طن من المتفجرات وقتل أكثر من 23 الفا من المواطنين الغزيين الشهداء، إضافة إلى 300 شهيد و5 آلاف معتقل في الضفة الغربية. ومع هذا، صمدت المقاومة وصمد الفلسطينيون في كل مكان، وفشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الثلاثة التي أعلنها طاغية الحرب نتنياهو وهي استرجاع الأسرى الإسرائيليين واجتثاث حماس والسيطرة الكاملة على قطاع غزة. ولكي يبحث عن إنجاز من نوع ما، امعنت قوة الحرب الإسرائيلية في التدمير الكلي لمباني ومرافق القطاع مما اضطرار أكثر من 1.5 مليون مواطن غزي من ترك منازلهم والتحرك جنوبا دون أن تكون قرى الجنوب في القطاع آمنة من العدوان. واستمر الحصار والعقاب الجماعي المتمثل في المجازر ومنع المياه والغذاء والدواء والكهرباء والوقود عن القطاع بكامله وأصبح معبر رفح رهنا بالموافقة الإسرائيلية على السماح بدخول بضع شاحنات لا تغطي أكثر من 5 % من احتياجات القطاع. ويسعى نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف تطبيق نفس برامج المجاعة والأمراض الذي استخدمته اليابان ضد الصين في الحرب العالمية الثانية. ورغم كل ذلك يدعي الرئيس الأميركي أن حليفته المقيتة «إسرائيل لا ترتكب إبادات جماعية».. وخلال هذه الفترة لم يستطع مجلس الأمن بسبب الفيتو الأميركي ان يوقف المأساة ولا يخفف من أحداثها، كما وقفت المؤسسات الدولية عاجزة عن العمل وأحداث أي تغيير رغم إقرارها بفظائع إسرائيل، ورغم التحولات الكبيرة في الرأي العام العالمي وخاصة في أوروبا وأميركا شمالها وجنوبها، والتأييد الكبير للشعب الفلسطيني ولحرية فلسطين في كل مكان على أساس حل الدولتين. ونتيجة للفشل العسكري للجيش الإسرائيلي، وخوفا من انتهاء الحرب وبالتالي مساءلته أمام القضاء وأمام الرأي العام الإسرائيلي، عمد نتنياهو إلى تغيير التكتيك واستخدام الهجوم غير المباشر وعلى النحو التالي: اولاً:التوسع في اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية وأي قوى داعمة لها وفق قائمة طويلة من الأهداف فجاء اغتيال الشهيد صالح العاروري وزملائه في بيروت واغتيال رضي الموسوي في دمشق والقائمة في اتساع، إلى الدرجة التي ذهب فيها رئيس الموساد ليقول» إن كل من شارك في هجوم 7 تشرين (اكتوبر) مهدور دمه. ومن المتوقع أن تستخدم إسرائيل كل الوسائل والعملاء لتنفيذ أوسع برنامج اغتيالات ثانياً: العمل على توسيع جبهات القتال أو الصراع لتشمل غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان وسورية إضافة إلى العراق وإيران والبحر الأحمر. ويهدف نتنياهو من هذا التوسيع اشغال مختلف الأطراف عن ما تقوم به إسرائيل من جهة، وإبقاء الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها مشغولة بما يجري وقلقة على مصالحها وعلى مستقبل إسرائيل من جهة ثانية، والتغطية على محاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من جهة ثالثة.

لقد اكتشف نتنياهو وحكومته النازية المتطرفة انه يمكن أن يحقق إنجازاً ديموغرافيا حتى لو لم يكسب الحرب ولم يجتث المقاومة ولم يحرر الأسرى. اما الإنجاز الذي يحلم به مع رفاقه الاشرار بن غفير وسموتريش فهو التهجير. ولذا بدأ حملة موسعة من الاتصالات مع كندا وبعض الدول الأوروبية 
والأفريقية مثل الكونغو وغيرها من الدول لقبول اللاجئين الفلسطينيين في اراضيهم مقابل منح الجنسية والسماح لعائلة المهاجر واقربائه أن يلتحقوا به.
كل ذلك يجرى والعالم العربي الرسمي غائب تماما باستثناء الأردن. إذ لم يترك الأردن سبيلا دبلوماسيا أو لوجستيا أو إعلاميا أو إغاثيا أو صحيا رسميا أو شعبيا الاّ وقدم فيه أقصى ما يستطيع.. اما الدول الشقيقة الأخرى فبالكاد أن يسمع لها صوت في المحافل الدولية، وبالكاد أن تتحرك باتجاه الوقوف في وجه المخططات والأفعال الإسرائيلية. وكما قال الملك عبدالله الثاني أن المنطقة على فوهة بركان إذا لم يتم وقف الحرب العدوانية وإذا لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في دولتهم على ترابهم الوطني. وأضاف وزير الخارجية أن إشعال الضفة ولبنان هو هدف إسرائيلي.
الا تشعر الدول العربية القريبة أو البعيدة أن البركان إذا انفجر بفعل التواطؤ الإسرائيلي يمكن أن تصل شظاياه وحممه إلى الجزء الأكبر من هذه الدول؟ الا تشعر الدول العربية أن توسيع نطاق الحرب وفتح جبهات متعددة من إسرائيل أو وكلائها يمكن أن يضعها طرفا في الحرب حتى لو لم تكن راغبة في ذلك؟
ان كلا من سورية ولبنان أصبحت ساحة مفتوحة للعدوان الإسرائيلي. الا تشعر مصر بخطورة التحّولات في قطاع غزة؟ فإسرائيل لن تكتفي بالتهجير القسرى والسيطرة على ممر فيلادلفيا، وانما تجدد لديها الحلم بقناة بن غوريون من خليج العقبة إلى البحر المتوسط لتمر في وسط قطاع غزة، ولتكون بديلاً او منافساً لقناة السويس؟ وهي لذلك تريد اخلاء القطاع من السكان حتى تغير معالم الأرض تماما وتمسح القرى الفلسطينية فيه وتحيله إلى منطقة عسكرية استكمالا للسيطرة على حقول الغاز المواجهة لقطاع غزة، وتمهيداً لان تكون هي صاحبة الممر التجاري الأكثر أهمية لربط البحرالأحمر بالمتوسط. ومهما كانت خيالية هذه الافكار، إلا أن التحالف الأميركي الأوروبي الإسرائيلي يمكن أن يحّول الخيال إلى واقع. وإذا كانت قناة السويس استغرقت 10 سنوات لحفرها قبل 150 عاماً فإن الآليات والتكنولوجيا الحديثة يمكنها اختصار الزمن إلى سنتين أو ثلاثة. وحقيقة الأمر انه لا يوجد دولة عربية وخاصة في المشرق العربي الاّ ويصيبها الضرر والأذى من البرامج الصهيونية التوسعية، وكما قال أيمن الصفدي سيدفع الجميع ثمن استباحة القانون الدولي وعدم كبح جماح التطرف الإسرائيلي . فهل تتحرك هذه الدول الشقيقة؟؟ وهل تنفذ ما التزمت به في قمة الرياض من ايصال المساعدات والاغاثة إلى غزة بعيداً عن الاستئذان من إسرائيل التي تتحكم اليوم في ممر فيلادلفيا بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية؟ ان لقاء عربيا طارئا ولو لدول المشرق(مصر والأردن والسعودية وسورية 
ولبنان والعراق ودول الخليج واليمن) أصبح ضرورة ملحة. إن وضع برنامج عربي شامل لوقف العدوان، والدعم الفعلي لصمود الفلسطينيين، ورفض الانزلاق للصدام مع ايران، 
والتأهب لمواجهة كاملة للخطة الإسرائيلية دون وجل أو تردد، هو الطريق لاستمرار مستقبل هذه المنطقة كم تريده شعوبها، لا كما يخطط لها المستعمر الإسرائيلي وحلفاؤه.