إنتاج البوتاس … بين التنويع والمنافسة

يبلغ إنتاج شركة البوتاس العربية حوالي (2) مليون طن سنوياً، تقترب قيمتها السوقية من (400) مليون دينار . تمتلك الحكومة الأردنية (26%) من الأسهم والضمان الاجتماعي (4%) والمساهمون العاديون (2%)، والكنديون (28%)، وتمتلك الصناديق العربية (40%) . وكندا هي الدولة الأولى في تجارة البوتاس في العالم، إذ لديها (46%) من احتياطي البوتاس العالمي، وتنتج ما يقرب من (15) مليون طن سنوياً، في حين أن روسيا لديها (35%) من الاحتياطي العالمي. وتنتج الولايات المتحدة (1.5) مليون طن، و إسرائيل والأردن  لدى كل منهما (0.5%) من الاحتياطي العالمي. وتنتج إسرائيل (5) مليون طن سنوياً .
و بالرغم من الأداء الجيد، إلا إن شركة البوتاس العربية تواجه إشكالا متعدد الأبعاد و على النحو الآتي .أولاً: يتمثل في كلفة الإنتاج المرتفعة والتي تصل حسب تصريح رئيس مجلس الإدارة إلى (240) دولارا للطن مقابل (60) دولارا في روسيا و متوسط كلفة إنتاج عالمية في حدود (140) دولارا للطن . وثانياً : أن التنوع في المنتجات محدود نسبيا. وهذا من شأنه أن يخفض من سقف القيمة المضافة نظراً لتأثير تذبذب  الطلب من كبار المستهلكين مثل: الهند،  والصين  على أسعار البوتاس في السوق الدولي . ثالثاً : الغموض في مسألة الطاقة واستهلاكها. إن كلفة الطاقة لا ينبغي أن تكون سبباً جوهرياً لارتفاع كلفة الإنتاج بشكل مبالغ فيه. إذ يستهلك الطن الواحد ما يقرب من 180 ك.و.س وهذه تعادل أقل من 10% من سعر الطن المباع. و كما هو معلوم فإن البوتاس ليس بالصناعة الكثيفة الاستهلاك للطاقة على غرار صناعة الاسمنت. ومن المفترض أن أفضل ظروف التشغيل من حيث الطاقة هي منطقة البحر الميت حيث يجري استغلال الطاقة الشمسية الطبيعية في برك التجفيف.
إن مجرد زيادة الإنتاج والانتقال من (2) مليون طن إلى (5) مليون طن ليس بالضرورة هو الحل الأمثل . وهذا يستدعي . أولاً : التوافق مع الجانب الإسرائيلي والفلسطيني على التزام الأطراف المشاطئة للبحر الميت بكميات إنتاج مناسبة، تحول دون استنزاف البوتاس خلال فترة قصيرة، ولا تسمح في نفس الوقت لإسرائيل أن تستأثر بالحصة الأكبر في الإنتاج. ثانياً : إذْ تعدّ منطقة البحر الميت من المناطق الممتازة لصناعة البوتاس، فإن ارتفاع كلفة الطاقة بحاجة إلى مراجعة شاملة في إطار مراجعة كلفة الإنتاج بجوانبها المختلفة . ثالثاً : إن الحل الأفضل لمواجهة متطلبات الطاقة هو إنشاء محطات طاقة شمسية أصبحت متاحة الآن وباستثمارات مقبولة قد يقوم بها القطاع الخاص. فالحديث كله عن محطتين  باستطاعة 60 ميغاواط لكل منهما . أما استيراد الغاز من مصر، فلا يمكن الاعتماد عليه في الوقت الحاضر، وكذلك استيراده عبر الأراضي الفلسطينية . رابعاً : إن الحل الأمثل  لضآلة العائدات والأرباح ليس في مجرد زيادة حجم الإنتاج  ولكنه يتمثل في التوسع الأفقي و العمودي في إنتاج مواد ومركبات جديدة ذات قيمة مضافة عالية . خامساً : إن الأداء الإقتصادي والفني للشركات المنبثقة عن البوتاس  يتطلب مزيدا من التحسين والتطوير والانتقال إلى مستويات جديدة في التكنولوجيا والإنتاج.
إن صناعة البوتاس ليس كغيرها من الصناعات، بمعنى أنها مجرد صناعة قائمة بذاتها، وإنما هي فضاء صناعي وطني كبير ينبغي تطويره ليصبح البوتاس قاطرة لعمليات تحول صناعي كبير، تنطلق منها العشرات من الصناعات المتوسطة والصغيرة التي تمثل البوتاس أحد أركانها على غرار ما نجده في كندا و إسرائيل. و هذا يتطلب أن تكون هناك دراسات موسعة وناجزة من الحكومة للصناعات القبلية والبعدية والموازية التي يمكن أن تستند إلى البوتاس  و ما يشابهها من الصناعات الكبرى. و أن تعمل الحكومة بالتعاون مع شركة البوتاس والمستثمرين الأردنيين  وغير الأردنيين على تطوير وتنفيذ المشاريع الإنتاجية الخاصة بتلك الصناعات.إن الاكتفاء بعائدات سنوية تتأرجح من سنة لأخرى بين (40) إلى (150) مليون دينار لا ينبغي أن يبعث على الرضا في ظل أزمة البطالة و تواضع معدلات النمو الاقتصادي. فمتطلبات المستقبل أكبر وأعقد من ذلك بكثير.