الكرامة الانسانية من المواطن الى الهجرة القسرية

1- مدخل

الكرامة الانسانية اساساً هي ان يكون للإنسان قيمة ومكانة ليعبر عن ذاته ويصنع مستقبله. وهي الحالة التي يكون فيها الانسان متمتعاً بحقوقه كاملة، بالشكل الذي لا يستطيع انسان آخر ان يصادر تلك الحقوق، كلها او جزء منها، او ينتقص من نوعيتها او يعتدى عليها. انها حق الانسان بالعيش كما يريد هو، وان تكون حياته حسب اختياره في إطار القانون و حفوق الآخرين و سلامة البيئة، لا كما يفرض عليه. و ما ينسحب على الفرد ينسحب على المجتمعات، فكل غزو أو عدوان أواستعمار لشعب من طرف دولة أو شعب آخر هو عدوان على الكرامة الإنسانية وسلب ظالم لها و ضد حقوق الإنسان . و من هنا فالدول التي استعمرت دولا أو شعوبا  أخرى كانت ترتكب أعمالا تمتهن الكرامة الإنسنية بشكل فاضح.  فالحرية على المستوى الفردي و المجتمعي، والعمل والنشاط و الإعتقاد ،وتكوين الثروة، والتشبيك المجتمعي المحلي و الدولي، والتنقل والسفر والتملك والمشاركة السياسية والاجتماعية،هذه كلها مقوّمات ودعائم للكرامة الانسانية. وفي نفس الوقت وحفاظا على هذه الكرامة ينبغي أن لا يكون المرء مضطراً لبيع كرامته ،او التنازل عنها للآخرين حتى تستمر الحياة بصورة او أخرى. ومن هنا جاءت المادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة عام 1948 لتقول

” يولد الناس جميعهم احرار او متساويين في الكرامة والحقوق”

اي أنهم متساوين              في القيمة .وفي المادة الثانية يقول

” كل انسان مؤهل لجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان”

وبالتالي فإن الكرامة جزء لا يتجزأ من بنية الانسانية في البعد الاخلاقي و القانوني والصحي، بل هي عماد الانسانية وفضائها الارحب وحق قطعي لكل إنسان و مجموعة و شعب.

غير ان الإشكال الكبير في الواقع العملي ان هذه الكرامة معرضة للإمتهان أو السلب او المصادرة بشكل صريح او مستتر، وبالقوة القاهرة او الترهيب والترغيب، أو بضغط الظروف الحياتية لاسباب متعددة منها سياسية وعقائدية واقتصادية ومجتمعية وثقافية وادارية بل  ومناخية وغيرها. ومن هنا فان الحفاظ على الكرامة الانسانية وصيانتها بل وتعميق جذورها تصبح كلها مسؤولية كبيرة على الفرد والمجموعة والمجتمع والدولة، وعلى منظمات المجتمع المدني الوطني والمجتمع الدولي.

ولعل الفقراء والمهمشين واللاجئين لاسباب قسرية هم من أكثر المجموعات عرضة لأن تنتقص او تسلب كرامتهم الانسانية.

 

2-الكرامة الانسانية و التقدم

وحقيقة الأمر ان تحقيق الكرامة الانسانية والحفاظ عليها من شأنه ان يشكل البيئة المناسبة لانطلاق طاقات المجتمع في كل اتجاه، ولفتح ابواب الإبداع والتميّز والتفوق على طريق التقدم و النهوض، في الاقتصاد وفي العلوم والتكنولوجيا وفي  الفكر والثقافة والفنون. وهي قبل كل شيء تعني الافادة من رأس المال البشري على اتساعه وتنوعه في المجتمع.

وفي غياب او انتقاص الكرامة الانسانية افقيا او عموديا وسواء ازاء شرائح مجتمعية معينة او مناطق وجهات مهمشة فإن المجتمع او المؤسسة يخسر جزءً اساسياً من كتلته البشرية المنتجة بكل ما لديها من شغف وأبداع. وكان العملية تقليص للقوى العاملة المبدعة .ولعل مقولة عنتره الشهيرة حين طلب منه ابوه ومالكه ان يغير على الأعداء بقوله”كر عليهم يا عنترة” فأجاب ساخراً ومبتئسا: “العبد لا يعرف الكر وانما يعرف الحلب والصر”. اي ان الانسان المسلوبة حريته، والمثلومة كرامته لا يستطيع ان يأتي بأعمال متفوقة متميزة، لانه يشعر بالنقص من الداخل.. وهذا الشعور يحول دونه ودون التميّز والإبداع بل والجرأة والمخاطرة. ولذا قال الأب لعنترة ” كر وانت حر”. فاستعاد الفارس المستعبد كرامته وهزم الاعداء. وقبل ان يسترد عنترة كرامته وحريته كان يتحرك بين الأبل والأغنام.. بمعنى انه لم يكن لديه الحافز لان يعمل شيئاً عظيماً متميزاً. وهذا المثال التريخي القديم يوضح القيمة الاقتصادية والاستراتيجية للكرامة الانسانية.

ومن هنا فإن استكمال المرأة لكرامتها الإنسانية ،و هي نصف المجتمع، بأن تنعم بالحقوق كاملة في التعليم والصحة و العمل و السياسة وبناء المستقبل الذي تريد، من شأنه ان يطلق العنان للإبداعات والتميزات النسوية التي اصبحنا نشعر اليوم بأهميتها، ابتداء من دور المرأة في التربية مروراً بالمهن الدقيقة وانتهاء بالعلم والتكنوولجيا والاختراع والاستثمار. حيث تصل نسبة المستثمرين من النساء على مستوى العالم 38.1% مقابل 61.9% للرجال. بل ان استعادة المرأة لكرامتها الانسانية كاملةاتاح لها ان تتميز في السياسة و في قيادة دول كبرى، كما كانت مارجريت تاتشر في بريطانيا و انجيلاميركل في المانيا، وهيلاري كلنتون في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرهم الكثير.و نلاحظ ان الشعوب لم تتقدم إلا بعد أن استعادت كرامتها الإنسانية بالإستقلال التام و خروج المستعمركما كان الأمر في الهند و ماليزيا و سنغافوره و غيرها.

3-الآليات الضامنة

ولأن الكرامة الانسانية عنصراً اساسياً في ديناميكية المجتمع بمكوناته وسلطاته المختلفة، فإنها كثيراً ما تكون معرّضة للانتقاص أو الاعتداء عليها او حتى سلبها تماماً، كما كانت المسيرة التاريخية للاستعمار الأوروبي ازاء العديد من شعوب آسيا وافريقيا و العالم العربي والمسيرة التاريخية للكيان الصهيوني آزاء الفلسطينيين. و من هنا فإنه لا بد من وجود آليات فعالة ومستقرة تعترف بهذه الكرامة و تقرها وتعمل على صيانتها والمحافظة عليها. وهي آليات وطنية واخلاقية و إدارية و سياسية و دولية. ولقد تراوحت آليات سلب الكرامة ابتداء من سحقها كلية بالاستعباد وتجارة الرقيق وانتهاءً بتقليص هذذه الكرامة وضغطها من خلال الايدلوجيا .

ولعل اولى الآليات الضامنة للكرامة الانسانية تتمثل في التشريعات والقوانين والأنظمة والتعليمات، ابتداء من الشركة او المؤسسة وانتهاء بالدولة. ومن هنا فإن معظم الدساتير تشير الى كرامة الانسان وحقوقه بطريقة او اخرى. ولكن النصف الثاني من القرن العشرين وما بعده جعل من كرامة الانسان مرتكزاً اساسيا في التشريعات. واضافة الى التشريعات  على المستوى الوطني والدولي فلا بد من ان تقوم ثقافة المجتمع على مفاهيم العدالة والمساواة والتنوع والتسامح وحق الآخرين في  ان تكون لهم كرامتهم، وأن يكونوا موضع احترام، بغض النظر عن الدين او المذهب او الجنس أو اللون او المستوى الاجتماعي او الثروة او الجهة. وهذا يستدعي نشر مفاهيم التسامح وقبول الآخر كشخص له قيمة انسانية كاملة لا يجوز الاعتداء عليها والانتقاص منها. ومثل هذا الامر يتطلب

  • ادارة الدولة القائمة على احترام الكرامة الانسانية للمواطن تحت مختلف الظروف القانونية.
  • الحاكمية الجيدة لادارات الدولة والمؤسسات والشركات والتي تعطي لكرامة الانسان حقها من الاحترام والتقدير.
  • المنظور التربوي والثقافي لكرامة الانسان والعمل على تعميق وتأصيل هذا المنظور في المدرسة والجامعة، وفي الأعمال الثقافية والفنية وفي اعمال المفكرين والمثقفين.
  • التربية الأسرية والتي تضع اللبنات الأولى للكرامة الانسانية في عقول الاطفال وسلوكياتهم.

ان جزء كبيراً من النزاعات في داخل الكثير من المجتمعات يمكن تفسيرها من خلال التعرف على مدى تأصل مفهوم الكرامة الانسانية في الثقافة المجتمعية و الإدارة الحكومية، وبالتالي توظف هذه المسألة لغايات سياسية او فئوية من طرف المستفيدين من تلك النزاعات  . وهذا دعا الامم المتحدة لأن يكون شعار اليوم العالمي لحقوق الانسان عام 2022 وبمرور 75 عاما على الاعلان العالمي لحقوق الانسان  “الكرامة والحرية والعدالة”.

وكما ان القوانيين والتشريعات الوطنية لها اهميتها القصوى في ضمان كرامة الانسان على المستوى الوطني، فإن القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية و الإلتزام بها،تحمل ذات الأهمية على المستوى الدولي، وذلك منعا للنزاعات الدولية، وضمانة لان لا تطغي الدول الأقوى على الدول الأضعف، ولا الأنظمة الاستبدادية او العنصرية على مواطنيها. صحيح ان القرار الأممي قد لا ينفّذ وكثيرا ما تتحكم فيه الدول الكبرى التي غالبا ما تحكمها مصالحها وتحالفاتها، وكثيراً ما تنحاز الدولة الكبرى لدولة حليفة لها حتى لو كان ذلك ضد العدالة الانسانية وامتهانها لها كما نرى في موقف الولايات المتحدة مثلا من الاحداث التي تجرى في فلسطين حيث يقوم الاحتلال الاسرائيلي بحرمان الشعب الفلسطيني من كرامته الانسانية من خلال الاحتلال نفسه وما يرتكب من جرائم يومية بما يخالف القانون الدولي والانساني، او كما كان الحال حين غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق وافغانستان ،وقبلها فيتنام ،وقتلت مئات الآلاف من الابرياء، و شردت الملايين ودمرت الحجر والبشر والشجر.

وعلى المستوى الوطني فإن الكرامة الانسانية لا تكتمل الاً اذا تعمقت الدعائم الاساسية لها والمتمثلة

  • القوانين والتشريعات
  • الثقافة المجتمعية الملائمة
  • نزاهة القضاء وناجزيته
  • حقوق المواطنة والواجبات المتساوية
  • الحريات الاساسية
  • الحقوق الاقتصادية
  • التعليم
  • السكن
  • الصحة

4-الآليات السالبة

وكما ان هناك آليات ضامنة للكرامة الانسانية، فهناك آليات أو أعمال سالبة لهذه الكرامة جزئيا او كليا. ومن هناك فإن العمل على تفعيل الآليات الضامنة وإضعاف بل وايقافات الآليات السالبة يصبح ضرورة انسانية واخلاقية ووطنية. ويأتي في مقدمة الآليات السالبة للكرامة الانسانية:

  • الاستبداد والفردية في القرار والدكتاتورية
  • الحروب والصراعات والمجاعات والأوبئة
  • غزو البلدان واستعمارها
  • الفساد والمحسوبية والقرباوية
  • الهجرة والنزوح واللجوء الاجباري
  • الطائفية والفئوية والجهوية
  • ضعف القضاء وحكم القانون (وطنيا ودوليا)
  • التهميش الاجتماعي والاقتصادي أو الفئوي او الطائفي او الجندري (الجنسوي)

وهذا يتطلب من المؤسسات الأهلية والرسمية ،على حد سواء، العمل على ابطال هذه الآليات والانتقال الى كل ما يساعد على تعزيز الكرامة الانسانية على المستوى االجهوى والمستوى الوطني والمستوى الدولي . وقد يكون استكمال مقومات الكرامة  الانسانية على المستوى الوطني للجميع بدون تمييز يمثل الطريق الاسرع نحو تماسك المجتمع وانطلاقه للعمل والابداع والتشارك من اجل التقدم في كل الاتجاهات.

وعلى المستوى الدولي فإن العمل على تعزيز الكرامة الانسانية لمختلف الاقطاروالشعوب، وخاصة تلك التي تعاني من ضعف التنمية وهشاشة البنية الاقتصادية ،والغزو والتدخلات والاحتلالات الأجنبية ،من شأن ذلك ان يتيح فرصاً للشعوب لتعيش حياة أفضل والى تعاون اكثر فاعلية ومردودية.

ان انتقاص الكرامة الانسانية في اي منطقة في العالم تنعكس اثاره السلبية على مساحات واسعة من العالم الذي اصبح قرية كبيرة يزداد التشبيك بين اطرافها يوما بعد يوم. ان الامراض والاوبئة والهجرة الجماعية والتغيرات المناخية كلها ظواهر لا تعرف الحدود السياسية. او الفوارق الطبقية، او التقسيمات الاجتماعية. وهذا يجعل من استكمال الكرامة الانسانية ليس مجرد حق للإنسان وانما ضرورة للإنسانية لكي يستطيع ابناؤها وبناتها مواجهة المستقبل قبل ان تداهمها مفاجات المناخ والفقر والمرض.

ولا شك ان مركزية الكرامة الانسانية في استقرار الامن والسلام ابتداء من الفرد مع ذاته ومحيطه، وانتهاء بالمجتمع الدولي والعلاقات بين الدول هذه المركزية للكرامة الانسانية كانت الدافع الرئيس لاهتمام سمو الأمير الحسن بن طلال في موضوع الكرامة الانسانية وتخصيصه جزء كبيراً ومُثمراً من وقته وجهده للتوعية بأهمية الكرامة الانسانية ومخاطبة المثقفين والمفكرين وصانعي القرار ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات المجتمع الدولي بضرورة التحرك والعمل من اجل وصول العالم الى الانسان والمجتمع المتمتع بكرامته والقادر على المشاركة مع الآخرين.

 

5-الهجرة القسرية واللجوء

لعل اضطرار الفرد او المجموعة لمغادرة أرض الوطن بسبب التهديد او البطش او تدمير الممتلكات أوسلب الحقوق المادية والمعنوية، هذا الاضطرار هو الامر الأصعب على النفس، وهو الأكثر اذلالاً للإنسان وتدميراً للكرامة الانسانية. وبداية فإن الهجرة واللجوء والنزوح القسري تعني عمليا اقتلاع الانسان من التربة التي نما وترعرع فيها ،وتقطيع جذوره، بكل الأخطار المحدقة بحياته وحياة عائلته ومحبيه، مرورا بفقدان كرامته من اجل الغذاء والماء والمأوى، وانتهاء بفقدانه  حقوقه المدنية وحقه في صنع مستقبله. وهو او هي لا يعرف اين سوف يستقر بهما الامر وفي اي مكان ،وتحت اي ظروف. وهنا تصبح كل تفصيلة من تفاصيل الحياة هماً بغيضا وعبئاً لا يقوى على احتماله اضافة الى فقدانه الكرامة والنزول به الى مستوى معيشي ونفسي وروحي لا يليق بالانسان.  تقدر الارقام الرسمية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين اعداد اللاجئين الذين اجبروا على ترك اوطانهم او منازلهم والمسجلين لديها بأكثر من 103 مليون انسان بينهم 36.5 مليون طفل ومنهم 53.2 مليون نزوح داخلي وكما هو موضح في الجدول رقم (1) طفل ومنهم 53.2 مليون نزوح داخلي وكما هو موضح في الجدول رقم (1)

جدول رقم (1)

اللاجئون والنازحون القسريون

(UNCHR2021)

 

المجموع نزوح داخلي لاجئون طالب لجوء طالب حماية اطفال
103 مليون 53.2 مليون 32.5 مليون 4.9 مليون 5.3 مليون 36.5 مليون

الأرقام لا تشمل اللاجئين الفلسطينيين

غير ان الارقام الفعلية اكثر من ذلك بكثير. ويقدر بعض الباحثين ان الأرقام الفعلية لغير المسجلين تعادل الارقام المسجلة وربما تزيد . بمعنى ان هناك ما يزيد عن 200 مليون انسان بين نازح ولاجىء وطالب لجوء او حماية وجزء كبير من هذه الارقام يقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه الأعداد الضخمة فقدت كرامتها الانسانية جزئيا أو كليا. والجزء الأكبر في المعاناة هم النساء والاطفال وكبار السن والمرضى. ان فقدان الوطن يعني بالضرورة فقدان المواطنة وما يترتب عليها من حقوق وواجبات. كما أن اللجوء القسري يعني فقدان اللاجىء لمصدر دخله ولبيته ومملتكاته بكل ما يرافق ذلك من شعور في البؤس والحرمان والقهر وانكسار الروح المعنوية ولو لفترة زمنية محدودة. صحيح ان المعونات الدولية قد تخفف من المعاناة وتعيد شيئاً محدوداً من الكرامة الانسانية لللاجئين والمهاجرين القسريين ولكن ذلك يبقى أقل بكثير من أن يصل الى استرداد الكرامة الانسانية بكامل ابعادها والتي من الصعب ان تتحقق الإ بعودة اللاجىء والمهاجر وطالب الحماية عودته الى بلده سالما، بعيداً عن اي تهديد او حرمان او عقاب او تهميش.

6-الأعباء و المسؤولية

ان عبء اللجوء القسري غالباً ما يقع بالدرجة الأولى على الدولة المضيفة كأمر واقع، وبدرجة اقل تماما على المؤسسات والمنظمات الدولية. اما بلد المصدر والمكان او السلطة أو الدولة التي اجبرت اللاجىء او النازح على الهجرة او النزوح ،فإنها في معظم الاحوال ،إن لم يكن جميعها ، تتهرب ولا تتحمل اي عبء أو اي مسؤولية. فغزو الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لكل من العراق وافغانستان نشأ عنه ملايين النازحين والمهاجرين، ومع ذلك لم تسأل الولايات المتحدة عن دورها في العملية ومسؤوليتها في اعادة الأوضاع الى طبيعتها قبل الغزو على طريق استرداد اللاجئين والنازحين لكرامتهم الانسانية. وكذلك الحال بالنسبة لاغتصاب اسرائيل للاراضي الفلسطينية واحتلالها وتهجير سكانها. حتى في حالة الحروب الأهلية لا يترتب على دولة المصدر اية مساءلات دولية ولا تطلب لأي مساهمات في استرداد الكرامة الانسانية لمواطنيها بالتعاون مع البلد المضيف والمنظمات الدولية، كما نجد الحال في الحروب الأهلية في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها. ان بقاء  المهاجرين والنازحين خارج بيوتهم وقراهم وممتلكاتهم بالإكراه وبالقوة او التهديد ،يمثل مأساة انسانية في كثير من دول آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية و في العالم العربي، ويمثل اهداراً لطاقات كتل بشرية يمكن ان تساهم في تنمية بلدانها، بل وفي السلم الإقليمي و العالمي، لو استعادت كرامتها الانسانية ورجعت سالمة محترمة الى بلدانها.