1- التوجيه بالقدوة
اضافة الى سماته الطيبة الكثيرة التي أشار إليها الكثيرون ،فقد كان الراحل عبدالسلام المجالي نموذجاً للقيادي الذي يعمل مع الفريق بتواضع ومحبة باعتباره احد افراد الفريق. وكان يبدأ بنفسه، ويؤمن بنظرية “التوجيه غير المباشر”.واذا كانت بعض الادبيات تشير الى ان القائد هو الذي يستخدم نفوذه وقوته ليؤثر على سلوك وتوجهات الافراد لانجاز اهداف محددة”فإن عبدالسلام المجالي كان يؤثرعلى سلوك الآخرين ليس من مركز القوة والنفوذ وانما من خلال التواضع والمباشرة بنفسه ليكون قدوة للآخرين. فيغّيرون توجهاتهم دون شعورهم بأن النفوذ والقوة اجبرتهم على ذلك. وهذا جعل تأثيره كبيراً ودائماً ولا يختفي هذا التاثير بمجرد اختفاء العلاقة. فكان على سبيل المثال من اوائل وزراء التربية والتعليم الذين اهتموا بالبيئة المدرسية،بما في ذلك نظافة المدارس. وفي احدى زياراته لمدرسة في الارياف لاحظ كم كانت المرافق بحاجة الى عناية وتنظيف، وعندما مد يديه لينظف المغسلة سارع الحاضرون بمن فيهم من المعلمين والتلاميذ الى العمل.
2– الريادي المجتمعي
إذا عرفنا الريادي بأنه ذلك الشخص الذي يكون لديه حلم أو رؤية و ينجح في تحويل حلمه إلى مشروع يبدأ صغيرا لينمو و يكبر، و يصبح مشروعا راسخا و منتجا سواء في الإقتصاد أو السياسة أو المجتمع ، فإن الراحل كان رياديا من الطراز الأول.إن دوره في انشاء و تطوير الخدمات الطبية الملكية و كليات الجامعة الأردنية و العديد من المؤسسات الأخرى كان دور الريادي الإجتماعي و الريادي الأكاديمي المتميز . و كان قدوة و موجها للمئات ممن عملوا معه.
3-التوجيه بالدعابة
كان الراحل لطيفاً محبا للحياة ومحباً للناس. وهذا دفعه الى استخدام التعابير-اللطيفه في دفع الآخرين للعمل. وكان يؤمن ان الكثيرين لديهم القدرات للعمل والانجاز والابداع، فكان يفضل استثارة الامكانات من خلال الكلمة اللطيفة. كأن يعهد الى شخص (يثق بقدراته) بعمل معين فيقول له :” تفضل وأرني عبقريتك يا فصيح”. وفصيح كانت كلمته المفضلة عند استثارة الامكانات وخلق حالة من التحدي، حتى تكون الاستجابة ذاتية وطبيعية، وإذاك يجتهد المكلف بالعمل ليثبت للباشا انه فعلاً فصيح. وهذا الاسلوب يجعل جو العمل محبباً مهما كانت صعوبته حتى لو كان التفاوض مع الاسرائيليين بكل ما لديهم من مكر ودهاء.
4 -العلم والمعلومات
كان حريصاً في عمله على الصحة العلمية والمعلوماتية لما يصله من تقارير او وجهات نظر او توصيات او اقتراحات. وكان يطلب من العاملين في اي مهمة ان يتأكدوا من الصحة العلمية وان يطلعوا على المعلومات ذات العلاقة قبل الوصول الى قرار او موقف نهائي. وهذا كان توجيها غير مباشر لمن يعمل معه ان القرار يجب ان يبني على القواعد العلمية وان يكون مدعماً بالبيانات والمعلومات ذات العلاقة.
واذكر انني حين تسلمت مهمة منسق عام مفاوضات السلام قال لي: يجب ان نتفهم العقلية التي يفكر فيها الطرف الآخر وان تكون لدينا المعلومات الكافية عن كل صغيرة وكبير. وعندما وضعت (15) عنوانا لدراسات نحن بحاجة اليهم وطلبت ان يقوم مختصون في الجامعات الاردنية باعدادها .. لم يتردد للحظة واحدة في الموافقة على الرغم من ان ذلك لم يكن مألوفا في كثير من ادارتنا
5-الثقة بالنفس
كانت ثقته بنفسه عالية و باطمئنان، دون غرور او تظاهر او استعلاء. وكان يثق بالعاملين معه، ويمنحهم الفرص، ويفسح لهم المجال ليقدموا افضل ما عندهم دون تدخل من طرفه بالتفاصيل. وكانت القيادة بالنسبة له بالنتائج. وهذا رسخ من ثقة من عمل معه ودفعهم الى البحث والعمل والجد والاجتهاد حتى يصلوا الى النتائج المطلوبة. وهم يفعلون ذلك دون ان يطلب منهم الراحل تلك التفاصيل. ولكن الثقة والتواضع والنظر الى النتائج كانت المحفز الرئيسي وكانت بمثابة توجيه غير مباشر.
6-النشاط وطول النفس
كان الراحل دائم الحركة والنشاط، ولم يتوقف عن متابعة اعمال جمعية الشؤون الدولية مثلا واجتماعاتها ومحاضراتها إلا في الأيام الاخيرة من حياته وقد تعدى الـ 98 عاما. ومع هذا كان يحضر الاجتماعات، ويتابع الافكار، واذا انخفض صوت المتحدث طالبه بأن يرفع صوته. وهذا النشاط الدائم كان يحمل معه التوجيه للعاملين معه بأن يستمروا في عملهم ونشاطهم طالما هم قادرون على ذلك. وكان مثابراً في عمله ،صبوراً على خصمه ،طويل النفس حتى يصل الى الهدف الذي يريد, وبمثابرته وطول نفسه نجح في قيادة مفاوضات السلام، وفي بناء مؤسسات عديدة منها مؤسسة اعمار الكرك وكان اخرها جمعية الشؤون الدولية والاكاديمية العلوم الاسلامية. فقد كانت هاتان المؤسستان تعملان في مكاتب صغيرة مستأجرة. فاستطاع الراحل ان يتحصل على الارض من امانة عمان ،وعلى التمويل من الشركات والمؤسسات، حتى تم اقامه مقرين متميزين متجاورين. وكانت جهوده والطريقة التي نجح فيها في تمويل المباني درساً لنا جميعاً تعلمنا منه الصبر، وتعلمنا منه عدم التردد والحياء في الطلب والالحاح، حين يتعلق الأمر بالمصلحة العامة.
7-عمل الفريق
كان الراحل حريصاً على العمل في اطار فريق، وكان يبث هذه الروح في العاملين معه. ولم يكن لينفرد في القرار. وكان دائماً يقول ” اجتمعوا وناقشوا وحللوا بموضوعية واخرجوا بقرار موحد”. وهذا امر غاية في الأهمية وخاصة في الثقافة العربية حيث تطغى الفردانية والرغبة في الانفراد بالرأي والقرار. ومن هنا كان تشكيل اللجان المتخصصة في جمعية الشؤون الدولية اولا لينخرط الجميع في النشاط وثانياً ليكون القرار جماعياً.
8- جميعة الشؤون الدولية
· انتظام اللقاء في اليوم والساعة على مدى اكثر من 30 سنة
· الاستماع والاصغاء لجميع الآراء مهما كانت دون مقاطعة او اسكات
· ان يكون آخر المتحدثين
· عدم تصدر المكان في الجلوس
· التطلع الى المستقبل بتفاؤل
· القدرة على ربط وجهات النظر المختلفة بشكل ايجابي
· اللين والسهولة في عرض وجهة النظر في اطار من الثقة والتواضع
· الاهتمام بعضوية الشباب
· الانفاق باتزان شديد والحرص على اموال الجمعية
· النجاح في توفير التمويل المستدام من خلال العضوية المؤازي للشركات والمؤسسات
. ……………………………………………….
واخيراً فان الراحل دولة الدكتور عبدالسلام المجالي كان نموذجاً للقيادي الموجه والقيادي الذي يجعل رفاقه يقتدون به لأنه كان دائماً في المقدمة من حيث المبادرة والعمل وتحمل المشقة بصبر ودون تململ وكان الأمل والروح الانسانية عنوانه الكبير حتى اللحظة الأخيرة من حياته.