سياسيون يرون الديمقراطية ثقافة وممارسة..لا صناديق اقتراع – صحيفة الرأي

عمان – محمد الخصاونه

أكد سياسيون أن التجربة العربية أثبتت أن الديمقراطية ليست فقط في صناديق الإقتراع؛ وأن تهيئة الشعوب للثقافة الديمقراطية؛ أهم بكثير من ممارستها خاصة في المرحلة الاولى؛ والأصل هو أن تكون الشعوب مهيأة لممارسة الديمقراطية؛ قبل أن تتوجه إلى صناديق الإقتراع؛ والشعوب هي عامل قوة للدولة والأنظمة الديمقراطية إذا كانت واعية ومثقفة سياسيا ووطنيا.

وقالوا إلى «الرأي» ان المرحلة التي تمر بها المنطقة خطيرة؛ والأردن من أكثر الدول التي تأثرت بالربيع العربي لعوامل كثيرة؛ أهمها الجوار واللاجئون والمصالح السياسية والإقتصادية وغيرها من العوامل السياسية والإنسانية؛ ولكننا خطونا في الأردن خطوات جادة وقوية نحو التغيير والإصلاح السياسي ؛ خاصة وأن لدينا شعبا يمتلك ثقافة العمل السياسي والمشاركة والعمل الجماعي.

واعتبر نائب أمين عام حزب التيار الوطني الدكتور حمدي مراد أن الديمقراطية ليست فقط في صناديق الإقتراع؛ وأن تهيئة الشعوب للثقافة الديمقراطية؛ أهم بكثير من ممارستها؛ لأن الشعوب هي أداة وصانعة الديمقراطية؛ والديمقراطية هي النظام الذي يحقق للشعوب الواعية مسار حياتها المتعدد سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وتعليميا وصحيا وصناعيا وزراعيا وغيرها.

وقال مراد ان الديمقراطية تحقق تحديد الحقوق والواجبات لأفراد المجتمع ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية؛ واذا كانت الشعوب هي مصدر ذلك فلا بد أن تكون واعية للمسار الديمقراطي ومؤمنة به حتى تنجح بتحقيق ما تتمناه من إصلاحات سياسية متوازنة وليست عاطفية وواعية لبرامجها وليست عشوائية.

واضاف ان هذا يعني في المقابل وجود نخب سياسية في هذا المستوى بين ابناء الشعب؛ قادرين على التفاعل مع شعوبهم للعب دور اساسي في رفع مستوى شعبهم لتحقيق التطور في الإصلاح السياسي؛ من خلال أحزاب برامجية قادرة على المشاركة الحقيقية بقدرتها في تنفيذ برامجها المتميزة من أجل الإصلاح.

وحول خطورة ما تمر فيه المنطقة قال مراد: لا أحد ينكر الظروف الصعبة التي تحيط بالأردن؛ من خلال الواقع العربي المشهود وأزمات اللاجئين والظروف الإقتصادية الصعبة جدا وتفكك العلاقات العربية وعدم تعاونها بما يتناسب مع هذه الأزمات الخطيرة؛ إضافة إلى ضغوط سياسية مختلفة محيطة وخارجية عربية ودولية بالإضافة إلى موقف إسرائيل من عملية السلام حتى الآن بعيدا عن تحقيق القرارات الدولية في قيام الدولتين والأزمة الخطيرة إتجاه تهويد القدس.

وزاد مراد: كل هذا وغيره بات حملا ثقيلا على كاهل الأردن وقيادته وشعبه الصامد الصابر؛ وكل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؛ وهذا يتطلب منا جميعا أكثر من أي وقت مضى أن نكون صفا واحدا أمام هذه الظروف العصيبة لنتمكن من تجاوزها.

أما الوزير الأسبق الدكتور ابراهيم بدران رأى أنه صحيح أن الديمقراطية هي ليست مجرد صناديق إقتراع؛ وإنما هي تتطلب مؤسسات تعمل وفق النموذج الديمقراطي وتلتزم بالمساواة بين المواطنين؛ ولا توصل إلى المواقع المتقدمة إلا أصحاب الكفاءة القادرين على خدمة وطنهم؛ والذين يتمتعون بالعلم والخبرة والجرأة في صنع القرار.

وتابع بدران: أما التجربة الديمقراطية بالنسبة للشعوب تبين بوضوح أن الممارسة والثقافة يسيران جنبا إلى جنب؛ فلا يمكن أن يتغير سلوك المجتمع ليصبح متفهما للديمقراطية دون أن يمارسها فعلا؛ سواء في الإنتخابات أو منظمات المجتمع المدني أو في الأحزاب أو في أي مؤسسة ذات طابع جمعي؛ وبالتوازي مع هذه الممارسة التي يجب أن تشجعها الدولة وتحافظ على نزاهتها.

وأشار إلى وجوب أن يكون هناك جهد ثقافي واسع النطاق حتى تكون الممارسة في مستويات متقدمة؛ وحتى تصبح الممارسة الديمقراطية جزءا من قناعة المواطن في عقله وفكره وضميره؛ مؤكدا انه على وزارات الشباب والثقافة والتربية والتعليم والشؤون السياسية والبرلمانية؛ وعلى المثقفين والمفكرين مسؤولية وضع المواد الثقافية وإشاعة ثقافة الديمقراطية؛ وهنا يبرز دور الإعلام الذي يجب أن يعطي هذا الموضوع مساحة كافية؛ لتصبح قناعات المواطنين متوافقة مع ممارساتهم وبذلك ينتقل المجتمع إلى أن يصبح مجتمعا ديمقراطيا مسؤولا.

وحول خطورة ما تمر فيه المنطقة؛ لفت بدران إلى أنه صحيح أن الربيع العربي ترك آثاره العميقة على المنطقة وتأثرت به جميع الدول العربية بدرجات متفاوته خاصة دول الجوار المحيطة بالأردن؛ ولكن العبرة هي في كيفية التعامل مع هذه المؤثرات والتأثيرات بما فيها اللاجئون وأعباؤهم الإنسانية والإقتصادية والتطرف والإرهاب والحدود المغلقة وغيرها؛ إلا أن الأردن يمكن القول أنه تعامل مع كل ذلك برؤية إيجابية ومنظور بناء بعيدا عن الهدم والدمار والعدمية.

وطالب بدران بأن يكمل الأردن خطواته بالإصلاح وخاصة في جانبه السياسي من حيث قانوني الأحزاب والإنتخاب؛ وفي جانبه الإقتصادي وإعطاء العناية الحقيقية للأرياف والمحافظات؛ من خلال تركيز الجهود على إنشاء المشاريع الإنتاجية لمواجهة البطالة التي تفاقمت خلال السنوات الماضية.

وأكد ان الأردن بما لديه من إنجازات ورأس مال بشري متميز ومؤهل قادر لأن يحول الأفكار التي وردت في الأوراق النقاشية الملكية إلى حقيقة واقعية؛ يلمسها المواطن وتحسن من ظروف معيشته وتعطي الأمل للشباب بالمستقبل وتعطيهم الدافعية للإنخراط في العمل السياسي والإجتماعي؛ وذلك عبر الإسراع بإتخاذ القرارات الحقيقية التي يتوقعها المواطن وأشر إليها جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة.

ودعا بدران الحكومة لأن تستعين بالخبراء وأهل العلم والفكر للمساعدة في تنفيذ البرامج المختلفة؛ وتدفع الموظفين في الدولة إلى الشعور بأهمية الإصلاح من داخل مؤسساتهم والتفاعل مع تطلعات المواطنين وطموح رأس الدولة؛ باجتياز الأزمة التي نمر بها؛ وفي الخلاصة أن الثقافة والإدارة والإصلاح الإقتصادي والسياسي من خلال الممارسة الفعلية هي حزمة واحدة لا يجدي تجزئتها.

 

المصدر: جريدة الرأي (سياسيون يرون الديمقراطية ثقافة وممارسة..لا صناديق اقتراع)