في مؤتمر الخطة الاقتصادية العشرية، تحدث رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور عن التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني وهي الطاقة والمياه والنقل والزراعة إضافة إلى الفقر والبطالة وفجوة الفوارق التنموية بين المحافظات. وحقيقة الأمر أن الصناعة وتصنيع الاقتصاد الأردني لا يقل أهمية عن ذلك، وقد لا نجازف بالقول إذ نؤكد أن الصناعة هي المشكلة والحل في الاقتصاد الأردني. وتشكل مع القطاعات السابقة تحدياً متعدد الأبعاد يتطلب لمواجهته نهجاً علمياً ومرونة عملية وتوظيفاً عقلانياً للتكنولوجيا المتقدمة ومشاركة في الاستثمارات اللازمة. فليس كل دولة تتوافر لديها الطاقة هي دولة صناعية، ولكن كل دولة صناعية تتوافر لديها الحلول الناجعة لمشكلة المياه والطاقة والزراعة والفقر والبطالة وتقليص الفجوة التنموية بين المركز والأطراف. أما الطاقة فليست كما يظن البعض بأن هناك حلاً كاملاً مقتصراً على الطاقة النووية او استيراد الغاز من إسرائيل، فكلاهما حلان فيهما من المخاطر السياسية والاقتصادية المستقبلية الشيء الكثير، ناهيك عن المعارضة الشعبية المتنامية للحلين. إن الحل الأمثل هو استخدام المصادر المحلية وبالتالي الاستثمار الواسع في الطاقة البديلة وهي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يمكن أن توفر -حسب التوقعات- أكثر من 25% من احتياجات الأردن من الكهرباء بحلول سنة 2020. أما الشق الثاني من الحل فهو استثمار الصخر الزيتي ذي الحرق المباشر واستخراج الزيت من الصخر، وهو المشروع التي تستبعده الحكومة وتتهرب منه رغم اهميته وجدواه. إن قطاع النقل يستهلك أكثر من 40% من الفاتورة النفطية وترتفع كلفته المباشرة وغير المباشرة على الدولة والمواطن إلى أكثر من 2.5 مليار دينار سنوياً بزيادة سنوية لا تقل عن 200 مليون دينار. والحديث عن نقص الاستثمارات في قطاع النقل يدعو إلى التساؤل ما الذي سوف يستثمر فيه المستثمرون؟ وعلى ماذا يتقدمون؟ إن الحل العصري هو النقل العام المنظم على مستوى المدن وشبكة السكة الحديد على مستوى المملكة أسوة بالدول المتقدمة التي تتميز عن الدول الفقيرة بكثافة النقل العام وخاصة سكك الحديد. ويمكن للحكومة المباشرة في التنفيذ بعد أن تم إشباع الموضوع دراسة وتحليلاً ويمكن تمويله من مصادر متاحة مثل المنحة الخليجية او التعاون الثنائي مع الصين والهند أو بشركات مشتركة على نطاق واسع وبمستثمرين من المواطنين والخارج. أما أزمة المياه وقد أصبحنا ثاني أفقر دولة في العالم في هذا المصدر، فلابد من سلسلة من المشاريع تشمل إعادة التدوير وتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية النظيفة دون التسبب بأي اضرار بيئية أو حيوية في المنطقة، ويمكن تنفيذها بكفاءة عالية وبسرعة وباستثمارات قليلة، إضافة إلى السدود الصغيرة ومشاريع الاستمطار وتوليد المياه من الهواء. أما مشروع قناة البحرين فهو عرضة للتقلبات السياسية ويصعب التحكم في تفاصيله إضافة إلى انه لا يقدم حلاً حاسماً لمشكلة المياه. أما الزراعة فلا سبيل لإنقاذها وإنقاذ الأراضي الأردنية من التصحر إلا من خلال تحديث الزراعة وتصنيعها وإدخال الأصناف التي تتحمل الحرارة والجفاف وإدخال التكنولوجيا ووسائل الري غير التقليدية. ودون وجود مراكز تكنولوجية وعلمية متخصصة تعمل وفق رؤية وطنية واضحة، سيبقى الأمر يدور في حلقة مفرغة. إن حل مشكلة الطاقة وحل مشكلة المياه وتطوير الزراعة وبالتالي الخروج من عنق الزجاجة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تحديث وتصنيع القطاعات الاقتصادية. ذلك أن التصنيع هو المدخل لمواجهة مشكلات الاقتصاد الأردني إضافة إلى حل مشكلة البطالة وإيجاد فرص العمل وبالتالي تقليص جيوب الفقر والفوارق التنموية بين المحافظات. ما الذي يمنع الحكومة من الدخول المباشر الفوري في هذه الحلول؟! لا احد يدري. ولكن انتظار المعجزات لا يجدي، فلا يمكن الانتظار عشر سنوات حتى يتم إنشاء المحطة النووية المنتظرة ولا يمكن الاطمئنان إلى الغاز الإسرائيلي والاتفاقية الغامضة على غرار اتفاقية الغاز المصري. ولا يمكن الانتظار حتى يتم بناء ناقل البحرين بكل ملابساته. كما ان النقل لم تكتشف له دول العالم أي بدائل غير ما ذكرنا اعلاه. وقد لا تستمع الحكومة لرأي الخبرة الوطنية المتواضعة لتعلن عن البدائل العلمية والتكنولوجية المقنعة التي ستباشر بتنفيذها. أما الرهان على الزمن والانتظار لحل المشكلات تلقائياً فأمر لا يقبله المستقبل